ما تزال تجد صعوبة في تجارب الأداء على الرغم من خوضها لهذه التجربة مرات يصعب عدّها
إنه صباح مشمس لأحد أيام الجمعة في لوس أنجلس، وآيا كاش تضع بعض المكياج بينما هي محشورة في الكرسي الأمامي لسيارتها المركونة في المرآب: قليل من أحمر الشفاه، بعض الآيلاينر، والقليل من شيء آخر تضعه على خديها لتُظهر شعرها الأحمر اللامع الذي يشكل علامتها المميزة. وهي تتحدث على الهاتف أيضاً، إنها قادرة على القيام بعدة مهام في الوقت ذاته. تقفز خارجة من السيارة وتمشي قليلاً لتتجه نحو بناء مجهول متوسط الارتفاع، حيث تراها تتوقف لبعض الوقت، تأخذ نفساً عميقاً وترتب نفسها لتمضي خلف العشرات من النساء المتأنقات أيضاً قبل أن تباشر في تجربة الأداء للحصول على دور في فيلم أو مسلسل تلفزيوني هذا الأسبوع

وها أنا ذا أرافقها في توقفها القصير عند المبنى – اعتبرها لحظة استجماع للقوى، أو لحظة تجلّي تستكشف مدى ارتباط الشخص العميق بمكانه في هذا العالم – وفجأة تسرّ لي كاش بشيء كنتُ أتوقعه: «لا أحب تجارب الأداء. أبكي كثيراً عندما يكون عندي تجربة أداء. ثم أحاول أن أتماسك وأن أكون امرأة ناضجة فأنا أعيش حياة مميزة، وكل شيء في حياتي يسير بشكل جيد». بكل تأكيد أمور آيا كاش على أحسن ما يرام. بل يحق لك أن تتساءل لماذا تستمر في الخضوع لتجارب الأداء بعد كل هذا النجاح الذي حققته خلال السنوات القليلة الماضية مما جعلها تستقر في أذهاننا وغير قادرين على نسيان أعمالها – ولا شعرها الأحمر اللامع. مع ذلك فهي تختلس مشاهداً في أدوارٍ ثانوية كدور مساعدة ليوناردو دي كابريو في فيلم «ذي وولف أوف وول ستريت»، أو كمنظِّمة لحملة أوكيوباي وول ستريت في مسلسل «ذا نيوزروم»؛ لكنها النجمة الساطعة بدون أدنى شك في «يو أر ذي وورست»، المسلسل اللاذع، المنحرف أحياناً، واللامع دوماً، وبالنسبة لبعض المشاهدين الرومنسي بحلّة جديدة والذي لم ينل ما يستحق من تقدير

يختلف «يو أر ذي وورست» عن باقي المسلسلات الأخرى. تعال ننظر إلى نجمَي المسلسل؛ تلعب كاش دور غريتشين الوكيلة الإعلامية، ويلعب كريس غير دور جيمي الكاتب المكافح. تتميّز الشخصيتان بأنهما مثيرتان للتساؤل أخلاقياً، ومدمَّرتان عاطفياً، وغير محببتان. نراهما في بداية المسلسل مخموران جداً بعد زفاف خطيبة جيمي السابقة ثم تصبح الأحداث أكثر قتامة. إنّ سحر وروعة الممثلَين يجذبان الجمهور. ونرى كاش بشكل خاص، رائعة وجذابة؛ عندما ننظر مليّاً إلى غريتشن – الشخصية التي تلعبها – نراها متهكّمة لكن مخلصة، قاسية لكن لطيفة في الوقت ذاته – وهي تلعب هذه الثنائية بشكل يجعل الجمهور يذرف دموعاً غير متوقعة في الموسم الثاني حيث نراها تصارع حالةً من اضطرابٍ ثنائي الأقطاب. وهذا ما يمنح المسلسل عمقه الدراميّ. تدخل كاش في هذا المسلسل مجال الإغواء وهي تجاري شريكها خطوة بخطوة، فتصور شخصيةً تائهة ومنحطة في بعض الأحيان تماماً مثل جيمي – وغالباً ما تكون أقوى منه وأكثر إقناعاً للمشاهدين. وهذا هو بالضبط ما يميّز هذا المسلسل عن الأعمال الكوميدية الأخرى على التلفزيون. وعلى الرغم من أنه لا يدعم الأفكار النسوية تماماً إلا أنه غير مألوف لجمهور التلفزيون بشكل كبير. تقول كاش، هناك تكافؤ رائع في علاقتهما وسلوكهما. تتحلّى غريتشين بثقة كبيرة، ولكنها مع ذلك محطمة كلياً، مما يجعلها أكثر واقعية كإنسان وليس فقط كامرأة فهي بذلك تمثّلنا كلنا. من الرائع أن ألعب دور امرأة يسمح لها مجتمعها بفعل ما تشاء دون توجيه أي تعليق سلبيّ

لنعد الآن لتجربة الأداء التي كنا نتحدث عنها. تتميز كاش بأنها ممثلة مميزة، فهي تطمح لأن تؤدي عملاً مميزاً لا يستغلّ الجمال الجسديّ في سبيل النجاح. فهي تقول، «تتميز تجربة الأداء التي أذهب إليها اليوم بأنها من أولى تجارب الأداء التي مررت بها في حياتي والتي لا تطلب من المتقدمات أن يتحلّين بالجمال. وهذا أمر جديد. حيث من النادر أن أخضع لتجربة أداء لا يشترط فيها أن تكون المتقدّمة «جميلة»، «مثيرة»، «رائعة»، «حسناء»، وما إلى ذلك من المرادفات المعتادة في مجال عملنا». تشكّل تجارب الأداء الجانب البشع في مجال التمثيل، لكنها – شئنا أم أبينا – أحد بنود العقد الذي نطمح من خلاله للحصول على المال والشهرة والظهور على شاشة التلفزيون. تتوقف كاش برهةً أمام المبنى الذي ستتم فيه تجربة الأداء لتستجمع قواها وهي على يقين أنه على الرغم من الغرابة وعدم الراحة التي توشك أن تشعر بهما، إلا أنه هو المكان الذي لطالما ترغب في أن تتواجد فيه. وتقول - عندما وجدتُ الكتاب السنوي المدرسي الذي حصلت عليه حينما كنت في الحادية عشرة من عمري، قرأت أمنيتي التي سجلتها فيه ذلك الوقت: ’سوف أكون ممثلة أو مغنية!‘ ولكن، كانت الأمنية ذاتها مسجلة من قبل 90 % من التلاميذ في ذلك الكتاب السنوي لأنّ تلك الأمنية تسكن وجدان أغلب الأطفال. وهذا هو بالضبط ما أحبه بشأن مهنة التمثيل. إنها في الواقع تعني أنني يمكنني أن أسمح للطفلة التي تسكنني أن تلعب كما تشاء، وهذا ما أحب عمله لآخر يوم في حياتي. أما خلال تلك الفترات التي أكون فيها بين عملين، يتملكني شعور متوحش بعدم الارتياح

لطالما كان هذا السماح للطفلة الصغيرة التي تسكن أعماقها باللعب أمراً هاماً. أمها، كيم أدونيزيو، هي شاعرة وروائية ووالدها، يوجين كاش، أستاذ ديانة بوذية؛ حيث نشأتْ كاش في جوّ من الفنون، تمّ توجيهها لتستعمل عقلها على أحسن وجه وتعبر عن نفسها بحرية وتلعب كما تشاء. كانت تعتقد بأنها ستصبح كاتبة، لكنها ألغت الفكرة فيما بعد (تقول: «لم أتحلا بما يلزم لأكون كاتبة»)، واستعاضت عن ذلك بمحاولتها تحقيق حلمٍ مكّنها من أن تسافر وتقابل أشخاصاً جدداً وتكتشف عالماً إبداعياً مثيراً. درست التمثيل في مدرستها الثانوية، ثمّ تابعت ذلك في جامعتها، وأخيراً تخرّجتْ لتدخل غِمار العالم الفاتن للمسرح المحلّي – حيث حصلتْ على أدوارٍ صغيرة ناجحة في أماكن مثل ذا غريت ريفر شكسبير فيستفال في مدينة وينونا، مينيسوتا؛ ميل ماونتن ثياتر، ودينفر سينتر في رونوك، فيرجينيا – كانت هذه المرحلة هي الأجمل بالنسبة لها. حيث تقول: «لم يكن المشاهير الذين يدهشك سماع أسمائهم مثلاً أعلى في حياتي، إذْ لطالما تجسّد مثلي الأعلى في المدرسين الذين تتلمذتُ على أيديهم وممثلي المسرح المحليين مثل هيلين كاري التي كانت تؤدي أدواراً ترهف قلبي، أو كاري بريستون التي كانت تبهرني على خشبة المسرح. هؤلاء هم الأشخاص الذين كانت لهم اللمسات الأولى لإلهامي في هذه المهنة. «ثم قامت كاش بقفزتها من المسرح المحلي إلى برودوي، ثمّ إلى مسلسل «لو & أوردر» (كما شاركتْ في كلّ فيلم كان يتم تصويره في نيو يورك حيث ما تزال تعيش)، ثم أتى انتقالها إلى مسلسلها الخاص التي لعبتْ بطولته
ومع أن كاش وجدت نفسها في كوميديا الموقف – سيحتلّ الموسم الثالث من «يو أر ذي وورست» ساعات الذروة في البث التلفزيوني هذا الشهر – ولكنها ما تزال تحلم بأعمال أكبر من المسرح المحلي. حيث ترغب في أن تعمل مع المسرحيين الذين يلعبون دور المثل الأعلى بالنسبة لها: كتاب مسرحيون مثل بروس نوريس، لوسي ثوربر، وآني بيكر، لكن بشرط أن يكتبوا مسرحيات خاصة لها – مسرحيات لن تحتاج أن تجري تجارب أداء لتمثلها
أغلقت الهاتف. ودخلت المبنى الآن وهي تأخذ نفساً عميقاً متمنية الأفضل
بقلم : بيتر سالتزمان | تصوير : إيان مادوكس | تمّ التصوير في موقع ذا غارلاند هوتل