يبذل عمالقة التكنولوجيا اليوم جهدهم لجعلك تبدو أصغر سناً، وليس فقط باستخدام التطبيقات التي يستعملها أطفالك. قد يكون اكتشاف ينبوع الشباب أقرب مما نعتقد – وذلك بفضل وادي السليكون
قَتل إمبراطور الصين الأول، تشين شي هوانغ، نفسه عن طريق الخطأ في محاولةٍ لخداع الموت عام 200 قبل الميلاد؛ من خلال تناوله «حبوب تحدي الموت» المصنوعة من الزئبق. وفي القرن السادس عشر، ماتت ديان دو بواتييه، عشيقة هنري الثاني، نتيجة شربها كلوريد الذهب في محاولتها الحفاظ على جمالها. وفي عام 1942، توفي البابا إنوسنت الثامن بسبب خضوعه لعملية نقل دم من ثلاثة صبية صغار ظنّاً منه أنه سيمتصّ منهم ريعان الشباب. من الواضح أنّ العصور القديمة تحب السخرية
تذكر كتب التاريخ محاولات عديدة في مجال الحصول على الخلود - أو مجرد حياة طويلة حقاً. وبطريقة أو بأخرى، أصبح هذا الأمر الهوس الشاغل لوادي السيليكون في الوقت الحالي. لقد شهدت السنوات القليلة الماضية طفرةَ أثرياء التكنولوجيا الذين يستثمرون أموالاً طائلة في شركات التكنولوجيا الحيوية - من كاليسو المدعومة من جوجل إلى مؤسسة سينز للبحوث، بتمويل من بيتر تيل صاحب بيي بال - والتي تحاول انجاز اختراق في علم الأحياء على أمل إيجاد طريقة لإبطاء الشيخوخة، وتمديد الحياة، أو ربما، تأجيل الموت لأجل غير مسمى. هذا ليس واقعاً افتراضياً - إنه تقريباً واقع حقيقي
الشيخوخة هي أسوأ مشكلة تواجه الإنسان، كما يقول أوبري دي غراي، البالغ 53 عاماً والمشارك في تأسيس سينز الرائدة في هذه الصناعة. يُعتبَر عالِم الأحياء الملتحي الفاتن هذا المثل الأعلى لعدد متزايد من الباحثين الذين يعتقدون أننا على وشك إنجاز ثورة علمية - من شأنها تحقيق حلم تشين شي هوانغ إلى حقيقة (بدون حبوب سحرية). يكمن هدف سينز في إلغاء هرم الخلايا الناتج عن الشيخوخة من خلال اللجوء إلى أساليب علاج تقوم باستبدال أو تجديد الخلايا، الأنسجة، والأعضاء التالفة. فهم مثلاً يطورون علاجاً يستهدف ويقتل الخلايا الهرمة - أي الخلايا التي تتوقف عن عملية الانقسام وتتراكم مع مرور الوقت مسببة الأذى للأنسجة والخلايا المحيطة بها. يقول دي غراي أن هذا العمل «سيخفف ويؤجل اعتلال الصحة عند التقدم في العمر»، مما يزيد من عمر الإنسان إلى ما بعد 120 سنة. «ينبغي أن لا يكون هناك حدّ للعمر، تماماً مثلما يمكننا أن نمدّ عمر السيارات من خلال الصيانة والاهتمام
ربما يبدو الأمر قادماً من أحد الأفلام السيئة للأختين ووتشووسكي. وقد سمع دي غراي تعليقاً كهذا من قبل. لسنوات طويلة خالط الشك تقبّل الناس للباحثين في هذا الموضوع، بل كانوا موضع سخرية في المجتمع العلمي. ( ورد في مقالة إم آي تي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) عن دي غراي «إنه لامع، ولكن هل هو مجنون؟»). ولغاية يومنا هذا، ما تزال هناك اعتراضات أخلاقية على الموضوع. قال بيل غيتس بألم خلال جلسة نقاش آسك مي أنيثينغ على موقع ريديت ,يبدو الأمر قمة في الأنانية؛ ففي حين ما زلنا نعاني من الملاريا والسل، نجد الأغنياء يموّلون أبحاثاً تجعلهم يعيشون لفترة أطول
ولكن بفضل الاختراقات الأخيرة والطفرة الوشيكة في ازدياد أعداد كبار السن ، بدأ العلم يتعامل مع الشيخوخة بطريقة يتقبّلها غيتس: كمرض يمكن علاجه. في وقت سابق من هذا العام، صرّحت مجموعة مايو كلينيك أنّ إزالة الخلايا الهرمة أدّت إلى تباطؤ الشيخوخة وزيادة الأعمار عند الفئران في منتصف العمر – في متابعة لدراسة أجريتْ عام 2011 أثارت عاصفة من الاهتمام في مجال هذه الأبحاث. ففي شباط، تمّ إطلاق يونيتي بيوتيكنولوجي بتمويلٍ ضخم لغرض وحيد هو اختبار النتائج التي توصلت إليها مايو كلينيك على البشر. وفي الوقت نفسه، وافقت ادارة الأغذية والأدوية على إجراء التجارب على الانسان لمعرفة ما إذا كان الميتفورمين – دواء لمرضى السكري أظهر إطالة في عمر الخلية - يتمتع بتأثيرات مضادة للشيخوخة. يقول ديفيد جوبل، المؤسس المشارك في سينز، «إنّ ما يجري العمل عليه اليوم يجعلني أشعر بالثقة لأقول أنه بحلول عام 2030، سيكون عمر 90 سنة مكافئاً 50 سنة في وقتنا الحالي
ولكن لدينا السؤال التالي: هل نحتاج حقاً إلى العيش فترة طويلة؟ هل بدت السعادة الغامرة على غولوم بسبب عمره الذي دام لبضعة قرون اضافية؟ قال غوبل، البالغ 64 من عمره، «وصولك إلى الستين من عمرك يشبه سقوطك عن منحدر سحيق. نبدأ بالذبول عندما نصل إلى المرحلة التي يجب أن نستمتع بها. ومع ذلك، إذا كنت قادراً على البقاء بصحة جسدية جيدة ومحباً للحياة في خريف عمرك، لماذا لا تبقي على قيد الحياة إذاً؟
حسناً، هناك مجموعة متنوعة من الأسباب: الاكتظاظ السكاني، الموارد المحدودة، والركود الاجتماعي. مهلاً، على الأقل سنكون موجودين لإيجاد بعض الحلول