رغم أنها تعيش عامها الثامن في الأسواق، إلا أنّ غراند شيروكي لا تزال تنبض بروح الشباب.
تجربة قيادة جيب غراند شيروكي ساميت
قد يحتار المرء بالوصف الذي يتوجب عليه أن يُطلقه على فئة مركبات الدفع الرباعي المتعددة الاستخدام، فالأخيرة تتمتع بمكانة إستثنائية كونها تجلب الأموال والعائدات المربحة لشركتها، ولكن في مقابل الحيرة التي تتركنا غير قادرين على تحديد الوصف الذي يُناسب مركبات الدفع الرباعي المتعددة الاستخدام، هناك أمر أكيد لا يقبل الشك وهو أنّ شركة جيب هي التي يعود لها الفضل الأول بالترويج للعنصر الأساسي الذي تقوم عليه مركبات الاستخدام المتعدد، أي تقنية الدفع الرباعي. وفي الحقيقة، فإنّ السبب الذي دفعني كي أستهل حديثي عن الفئة ساميت من طراز غراند شيروكي بهذا الشكل هو أنني معها أعدت اكتشاف متعة القيادة فوق المسارات الوعرة، فأنا حالي كحال السواد الأعظم من مالكي مركبات الدفع الرباعي لا أقود مركبات الاستخدام المتعدد التي تتوفر لنا لتجربتها خارج حدود المسارات المعبّدة إلا نادراً، لذا اعتُبرت الرحلة التي قمت بها على متن السيارة بمثابة الرسالة التي تحمل مضمون واضح، وهو أنّ جيب لا تزال من الشركات الرائدة في مجال مركبات الدفع الرباعي التي ابتكرتها، أو على أقل تقدير لعبت الدور الأبرز في ابتكارها.
في البداية، لا بد من ملاحظة مستويات الراحة العالية التي توفرها السيارة وسلاسة عمل المحرك الذي كان يجهز النسخة التي نقودها، والذي ينتمي لعائلة محركات الأسطوانات الثماني سعة 5.7 ليتر المثبّتة على شكل الحرف V بزاوية انفراج تبلغ 90 درجة يولد قوة 360 حصاناً على سرعة دوران محرك تبلغ 5,150 دورة في الدقيقة مقابل عزم دوران أقصى يبلغ 520 نيوتن متر على سرعة دوران محرك تبلغ 4,250 دورة في الدقيقة، علماً أنّ المحرك يتصل بعلبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب، تمرر القوة والعزم للعجلات عبر الجيل الثاني لنظام الدفع الرباعي من نوع كوادرو درايف والذي يحتوي على نظام انزلاق متغيّر ونسخة خاصة من نظام تعليق هوائي كوادرو ليفت.
ومع وصولي إلى منطقة الاختبارات، توجب عليّ أن أستجمع شجاعتي وأنطلق بكل ثقة لأعبر ما أعتبره تجربة غير ممتعة بالنسبة لي كوني ممن يفضلون القيادة فوق المسارات المعبّدة أو القاسية بالحد الأدنى. ورغم عدم اللجوء لخفض نسبة ضغط الهواء في الإطارات وجعل الأخيرة قادرة على التماسك أكثر مع الرمال وبالتالي تسهيل المهمة على السيارة، إلا أنّ الأخيرة تمكّنت من اجتياز المسار دون أي مشاكل تُذكر، بإستثناء حادثة تغريز بسيطة تمكّنت من الخروج منها دون مغادرة السيارة، أو الاضطرار لإزالة الرمال من تحت الإطارات.
وعلى الطريق بإتجاه المنطقة الصخرية التي تهدف لاختبار قدرات غراند شيروكي عليها، ما كان بوسعي التوقف عن التفكير بمستوى الثقة التي يوليها رجال جيب بسياراتهم وكيف تمكّنوا من تطوير مركبة تتمتع بهذا القدر من الإعتمادية.
مع الوصول إلى منطقة الصخور المهولة التي من شأنها أن تثير الرعب في قلب كل من يفكر بإجتيازها، لم أكن أعاني من أي خوف، فالأخيرة مهما كان اجتيازها صعباً ضمن مسارات ضيّقة قريبة جداً من حافة المنحدرات، تبقى أرضيتها صلبة، أي أنه ليس هناك أي احتمال لغرق السيارة وسط الرمال، وهذا أهم شيء بالنسبة لي. ومع تقنية التحكم بالنزول نحو المنحدرات والتسلق نحو القمم المتوفرة خلال القيادة على الطرقات الوعرة، فضلاً عن جهاز التعليق المتطوّر الذي يمكن معه تعديل خلوص السيارة، تقدّمت غراند شيروكي ساميت بخطى ثابتة على جميع تلك المسارات، لاسيما الأصعب منها، خاصةً في ظل إمكانية رفع القدم عن دواسة المكابح أثناء النزول الحاد وترك الأمر للأنظمة التقنية كي تلعب لعبتها عبر التحكم بالسيارة بأفضل طريقة ممكنة. كذلك الأمر بالنسبة للتسلق، فحتى عندما يكتشف النظام بأنّ العجلات الأمامية غير قادرة على التماسك مع المسار ذو الزاوية المرتفعة أو الغير مستوية، فيعمل على التكيُّف مع الظرف المستجد ويعود ليدفع السيارة نحو الأمام أو الأعلى، كل ذلك ونحن جالسين داخل مقصورة فاخرة تحتوي على مقاعد مكسوة بالجلد والالكنتارا، والتي تؤمن مستويات راحة عالية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ما يُضفي جواً من الرقي داخل المقصورة هي الحياكة المميزة التي تتناغم مع اللمسات المعدنية الموجودة في مختلف أنحاء السيارة وشاشة نظام يوكونيكت بحجم 8.4 بوصة لنظام المعلومات والترفيه المحدث.
نظام تثبيت السرعة كان سهلاً جداً وجيّد. حتى عندما تقترب من السيارة التي تسير أمامك يعمد النظام إلى خفض سرعة ساميت بشكلٍ آمن، أو ربما آمن زيادة عن اللزوم. فرغم تحديدي للمسافة المطلوبة بيني وبين السيارة التي تسير أمامي إلى أقل مسافة، إلا أنّ النظام كان يعمد إلى خفض سرعتي بشكلٍ مبكر جداً، الأمر الذي يجعلك ترغب بالضغط أكثر على دواسة الوقود بشكلٍ عفوي تلقائي.
مقاعد جيب مغطاة بجلد من نوع نيوترا بلاس وهي بقمة الراحة، كما توفر المقاعد الأمامية تبريد أو تدفئة مع ذاكرة ضبط. أما لناحية الأمن و السلامة، فتتمتع غراند شيروكي ساميت بكل من مساند رأس جيّدة للمقاعد الأمامية قابلة للضبط، وسائد هواء على المقاعد وعلى الجوانب. و توفر أيضاً نظام يقوم بتفعيل المكابح في حالات الطوارئ مع منبه للتحذير من إحتمال الاصطدام، المنبه الصوتي يخفض صوت جهاز الإستماع الموسيقي ويُصدر صوت واضح جداً من السماعات يترافق مع ظهور كلمة BRAKE عبر الشاشة.
بإختصار، يمكننا القول بأنّ غراند شيروكي ساميت ليس سوى امتداد للطراز الأسطورة وصفحة جديدة في تاريخ هذه المركبة الحافل، وذلك مع تزويده بكل ما يلزم من أسلحة لخوض معارك حامية الوطيس مستقبلاً في الأسواق، سواء عبر زيادة جمال الخطوط الخارجية دون التضحية أبداً بالشخصية الأسطورية، رفع القدرات خارج الطرقات، جعلها أكثر راحة وملائمة للعيش وسط المدن وللإستخدام كل يوم.