قد يكون كيفن هارت الرجل الأكثر مثابرة في الصناعة السينمائية. لكن تبين أن ذلك أمر مرهق
كان العصر من يوم الأربعاء وكان أسبوعاً شاقاً. ولكن، لا جديد في الأمر فلطالما كانت أسابيعه مليئة بأيام مرهقة. فهو يستيقظ في الخامسة صباحاً، يعمل بجد طوال اليوم، من الاجتماعات، إلى المكالمات الهاتفية، والصور، وصولاً إلى الحملات الترويجية، ثم العائلة فالنوم. هذا هو نمط حياة هذا الرجل المشغول دوماً. ولكنه بالضبط الطريق الأكيد لتحقيق الأحلام الكبيرة
هذا هو الروتين اليومي لحياة كيفين هارت الذي وصل إلى مقابلتي متثائباً بعد ساعتين من التأخير. مثتائباً من أعماق قلبه. يتكلم وكأن صوته قادم من بعيد هادئ، بل مخدّر من شدة الإرهاق، فيقول لي أو للسائق، لست أدري، «انتظر يا رجل، تمهّل. لقد مررنا بمقهى ستاربكس. لندخل إليه.» إنه بحاجة إلى ما يجعله يصحو. عليه أن يتوقف ولو لنصف ثانية ليتناول بعض القهوة – التي نادراً ما يتناولها. وخلال الفترة اللازمة ليجد سائقه تلك المقهى حاول جاهداً ألا ينام متعللاً في خياله بأبخرة القهوة التي ستمدّه بالأدرينالين والطاقة ليبقى صاحياً
ينجز كيفن هارت في يوم واحد أكثر مما يفعل معظم الناس في شهر – بدون مبالغة. فهو يستيقظ باكراً لممارسة الرياضة يومياً، بغض النظر عن ما كان عليه القيام به بعد ذلك. (هل تريد دليلاً على صحة كلامي؟ تحقق من حسابه على إنستاغرام، حيث لديه 42 مليون شخص يتابعونه - أو من أي مكان فيه صور على الإنترنت وستجده هناك بلا شكّ. إنه بكامل لياقته منذ الصباح الباكر. (وحتى لو لم يذهب إلى النادي الرياضي بسبب ازدحام جدول مواعيده، يقوم بممارسة الجري، على الأقل ستة أو سبعة أميال. لا بل أنه أحياناً يتصل بمعجبيه لينضموا له ليبذل بعض الجهد الجسدي من خلال الركض قبل أن يعتلي خشبة المسرح.) ثم يبدأ التعاقب السريع المحموم بالأحداث في مختلف المجالات التي يعمل عليها فهو كوميدي، ممثل، منتج، وطامح للشهرة الهوليودية
وبالطبع ليس الجري الصباحي فحسب ما يجعله يلهث. فخلال فترة السنة والنصف الماضية أو نحو ذلك، تألق هارت في خمسة أفلام رائجة ضخمة (آخرها سينترال إنتيليجينس، أمام الممثل دواين «ذا روك» جونسون)، أنهى جولة كوميدية كبيرة جداً وأطلق الفيلم الخاص المرافق لتلك الجولة باسم «وات ناو؟» وتابع بطولته في البرنامج الشبيه بتلفزيون الواقع هازباندز أوف هوليوود، وبدأ بالعمل على فيلمه الضخم التالي، جزء جديد من جومانجي حيث سيأخذ دور البطولة مع الممثل ذا روك مرة أخرى
لم يُثر تثاؤبه مراراً غضبي بل أثار حيرتي لوقوعي في فخ التناقض بين صورته في مخيلتي على أنه الرجل الأكثر حيوية، والتي يرغب هو بتثبيتها في الأذهان بكل تأكيد. وبغض النظر عما إذا كان متعباً أم لا، فهو يرى في نفسه رجلاً تفوق حيويته أي رجل آخر وهو في سباق مستمرّ دون لحظة توقف معتمداً على إرادته الواقعية، القوية، والشفافة، وهو بالتأكيد يسعى للنجاح
إنه يعرف تماماً ما يفعل
نشأ هارت، البالغ 37 سنة، في فيلادلفيا، بعيدا جداً عن أسلوب حياة هوليوود الذي يجسدها الآن. لم يكن لوالده الدور الكبير في تربيته، ولكن والدته. قامت بهذا الدور. أنهى المدرسة الثانوية، ثم انتقل إلى نيويورك، وعمل في بيع الأحذية في ولاية ماساشوستس لفترة من الوقت، ولم يبدأ حقا في تقديم عروض ستاند أب كوميدي حتى عاد إلى فيلادلفيا في العشرينات من عمره، وحاول تقديم عروضه في كل النوادي المتاحة ليلفت الأنظار. وسمَ نفسه ليل كيف آنذاك، لأنه، نعم، لم يكن طويل القامة. (لم يعش هذا الاسم الفني طويلاً، لكن النكات التي كان يقولها حول قصر قامته هي التي عاشت طويلاً.) ينسب هارت الفضل الكثير من نجاحه اللاحق إلى والدته، التي دعمته خلال هذا الوقت من السعي الدؤوب، على الرغم من ذلك، يقول بصراحة، «لم تحضر أمي أيّ من عروضي قط، لأنها كانت شديدة التديّن. وهي لا تحب أندية الكوميديا
ومن المفارقات، أنّ النجاح الكبير لهارت تحقق عام 2002 عندما لعب دور طالب جامعي متدين في مسلسل أنديكليرد، للمبدع جاد أباتاو الذي دام لموسم واحد إثر مسلسل فريكس أند غيكس. ومن هناك، بدأت مسيرته مع مجموعة أباتاو، فتراه يسرق بعض المشاهد في الأفلام مثل ذا فورتي ييرز أولد فيرجن مستفيداً من ظهوره على الشاشة الكبيرة ليبيع عدداً أكبر من التذاكر لعروضه الكوميدية ومجتذباً عدداً أكبر من الجمهور بشكل متزايد ابتداء من سنة 2000
من المثير للضحك الآن أن تنسب مثل هذه البدايات المتواضعة لهارت، الذي يبدو أن أحلامه الآن لا تقل عن السيطرة على العالم. إنّ جولته الكوميدية بعنوان «وات ناو؟»، هي خير مثال على هذا النوع من فائض جنون العظمة الذي أصبح بصمة خاصة له. فقد أنتجت يونيفرسال بيكتشرز الفيلم المعتمد على هذا العرض بتكاليف باهظة، وقد نزل في الصالات السينمائية هذا الشهر. يضع هارت عرضه للستاند أب كوميدي هنا ضمن إطار سلسلة من المشاهد التي يلعب بها دوراً خيالياً يمثل شخصيته التي تشبه إلى حد كبير جيمس بوند ولكن ببشرة سوداء. ونراه يمرّ بسلسلة من المخاطر والدم والرصاص والمصاعب التي تفرضها عليه الممثلة هالي بيري ليصل إلى عرضه المنشود. وعندما يدخل أخيرا، نراه في لبنكولن فاينانشال فيلد، الستاد الخاص بفريق فيلادلفيا إيغلز عضو الاتحاد الوطني لكرة القدم، وهو يمسك بيده ميكروفون مطلي بالذهب، ليؤدي عرضه أمام حوالي 53،000 مشاهد من المشجعين الذين يهتفون له بإثارة كبيرة. حتى يومنا هذا، يعتبَر هارت الممثل الكوميدي الوحيد الذي يبلغ عدد البطاقات المباعة لعروضه مرارا وتكرارا عشرات الآلاف بحيث أن عدد الجمهور يكفي ليملأ مقاعد استادٍ لكرة القدم (نتكلم عن كرة القدم الأمريكية، في حال كنتَ تتساءل) يبعد هذا الرقم كل البعد بالطبع عن بداياته المتواضعة جداً في قاعات لم تكن لتتسع لأكثر من مائة مقعد
هناك من يطرح نقطة في هذا المجال، وعلينا أن نناقشها؛ يوافق على أنّ هارت هو فعلاً الممثل الكوميدي الذي تبيع عروضه العدد الأكبر من البطاقات على الإطلاق، ولكنه دفع ثمناً غالياً تجلّى في تنازله عن أية مصداقية فنية أو حدود كوميدية كي يروق لأكبر شريحة ممكنة من أنواع المشاهدين. من الصعب علينا أن نتخيّل لويس سي كي، أو عزيز أنصاري يقدمان عروضهما أمام هذا الحشد الغفير من المشاهدين (مع العلم أنّ كلاهما قدّم عروضاً رائعة في صالة ماديسون سكوير غاردن؛ ولكن أمام ما يقرب من 15,000 مشاهد، وهو ليس بالعدد القليل طبعاً فهو يشكل جزءاً لا بأس فيه من استاد كرة القدم)، بل إنه من الأكثر صعوبة أن نتخيل الكوميديين الذين يعتبرهم هارت مثله الأعلى مثل ريتشارد بريور، كريس روك، أو حتى جيري سينفيلد يقدمون عروضهم أمام جماهير كبيرة ومتنوعة كما فعل هارت. وأما بالنسبة للمغرمين بالعروض الكوميدية اليوم، نقول أنّ ما يقدّمه هارت لا يحوي إلا القليل من النكات التي قد تروق لهم حول الأبوة والأمومة والشخص القصير. صحيح أنه كسر الأرقام القياسية بعدد المشاهدين ولكنه لم يفتح آفاقا كوميدية جديدة. وهو يختار أفلامه بطريقة آمنة على نحو مماثل - إلى درجة تجعل النقاد العالميين يتجاهلون أعماله. حيث أنّ أضخم أفلامه التي قدّمها العام الماضي – ذا ويدينغ رينغر، غيت هارد، ورايد ألونغ 2 _ لم تحصل على تقييم يتجاوز 20 بالمئة وفقاً لموقع تقييم الأفلام روتين توميتو. (ولكن فيلم سينترال إنتيليجنس حسّن من معدّل تقيمه ليكون 69 بالمائة.) وعبّر جاستن بيبر عن ذلك في برنامجه كوميدي سينترال السنة الماضية والذي استضافه هارت، «أنا أحب الخطة المهنية التي ينتهجها كيفن هارت: افعل كل ما قام به مارتن لورانس، ولكن بطريقة ألطف
قد يكون بيبر محقا في شيء واحد: إنها منهجية عمل. حيث خطط هارت أن يمسك العصا من المنتصف على جميع النواحي. فهو لطيف عندما يتناول مواضيع العائلة. ولطيف أيضاً فيما يتعلق بمواضيع البيض والسود واللاتينيين. إنه ودود مع الجميع – فهو يشكّل الشخص السعيد، الناجح، الراضي كنقيض لمشاهير الكوميديا غريبي الأطوار وحادّي المزاج ذوي النكات التي تهاجم الجميع. وأنا لا أقصد هنا أية إهانة له. إنه بارع تماماً فيما يفعل – لا يمتنع عن إضحاك الجمهور ولكنه لا يثير حفيظة أحد منهم. يجعله سلوكه هذا محبوباً من قبل رُعاة البرامج أيضاً، وتمكن من تأمين مستوى معيشة جيد جداً لنفسه من خلال كونه محبوباً على أوسع نطاق ممكن
•••
استيقظت هذا الصباح مغموراً بشعور رائع؟؟؟؟ إنه يوم مناسب لنحقق إنجازات عظيمة، ولتغيير مسار التاريخ... لا بدّ من ذلك
هذه هي التغريدة الأولى لكيفين هارت هذا الصباح، أرسلت في حوالي السادسة صباحا بتوقيت لوس انجليس – أي قبل موعد لقائنا بحوالي سبع ساعات. هذه التغريدة هي مجرد مثال عابر عن الأفكار الحماسية التي ينشرها بسرعة البرق مع حوالي 31 مليون من معجبيه بأوقات مختلفة يومياً. إذا فهمت هذه التغريدة على أنها تغريدة مقاتلة – تفتح التحدي مع أي شخص استيقظ ليقرأها – فلا شكّ أبداً من أنّ كيفين هارت هو المنتصر. وإن فهمتها على أنها تغريدة ملهمة، يبقى كيفن هو المنتصر أيضاً. يمثل كيفن هارت مثالاً يُحتذى عن الشخص الذي يضع نصب عينيه أحلاماً كبيرة لحدّ الجنون، ثم يسعى لإنجازها مهما كلفه الأمر. وبينما هو ينظر إلى جدول مواعيده ليحاول منحي بعض الوقت خلال بحثنا المستميت عن فنجان من القهوة، يقول لي، «ليس هناك شيء اسمه يوم عطلة. هذه هي النصيحة الوحيدة ، الهامّة والأكيدة التي يمكنني أن أوجهها لك. أحاول الاستفادة من كل لحظة. أحاول التعامل مع كل يوم على أنه اليوم الأهم في حياتي
هل غيّر مسار التاريخ؟ من المحتمل أن يكون هذا أمراً صعب المنال، لا سيما وأنه من غير الواضح ما يعنيه ذلك حتى فيما يتعلق بالكوميديا. ولكن هل جعل حياته جميلة استثنائية؟ بكل تأكيد، نعم. يعتبر هارت الكوميدي الأعلى أجراً في العالم، ومن الواضح للعيان، أنه الكوميدي الأول الذي يجني أكثر من جيري ساينفيلد، حامل الرقم القياسي السابق (بفارق كبير). بل إن اللافت للنظر أنه حلّ في المرتبة السادسة على لائحة فوربس «للمشاهير المائة الأعلى أجراً؛ وفقا لمجلة فوربس، جنى نحو 238 مليون درهم العام الماضي - أكثر من ثلاثة أضعاف دخله العام الذي سبقه، ويعود الفضل في ذلك إلى الجولة الضخمة وجميع تلك الأفلام، مما يجعل القيمة الصافية لدخله تقدّر في حدود 350 مليون درهم. (إذا كنت تتساءل على ماذا أنفق هذه الأموال، تحقق مرة أخرى من تغريداته على الإنستاغرام، وستجد كمّاً هائلاً من المشتريات من حذاء لوبوتان، جويارد للأمتعة، طائرات خاصة وسيارات فارهة
ثم مرة أخرى، حتى عندما كان يخبرني عن تلك الأولوية المشار إليها سابقاً في حديثه والتي يقول أنها تغلي في أعماقه، كان يتثاءب. متحمساً، طموحاً، محموماً بالحياة، ولكن منهكاً. يبدو بالنسبة له أن الطريقة التي تبني بها إمبراطورية هي كما يلي، «ما يغلي في داخلي هو الرغبة الجامحة في التأكد من امتلاكي لفرصة حقيقية – آسف على التثاؤب – فرصة كبيرة في أن يكون لي تأثير على جيلي. ليكون اسمي وجوداً ملموساً. فمع ماذا أريد أن يترافق اسمي؟ ما هو مستوى العظمة التي يمكنني الوصول إليها بحيث أنهم يقفزون فرحاً عندما يرون اسمي؟ هذا هو ما يشغل بالي
يساعد ما ذكرناه في تفسير تنوع المشاريع التي يدخل فيها هارت. فبالإضافة إلى التمثيل، الكتابة، الإنتاج، الترويج لدار أزياء H & M، هناك البطولة في سلسلة إعلانات أود كوبل جنباً إلى جنب مع ديفيد بيكهام. وقد أطلق مؤخراً أحد التطبيقات، «كيفموجي» من كيفن هارت، الذي يتيح لك إرسال صورة وجهه الجامحة والمعبرة إلى أصدقائك عبر رسالة نصية. كما أنه تعاون مع شركة موزيك وان التكنولوجية للمساعدة في إبداع وبيع سماعات رأس ذكية. كما أنه صمم زوجاً من الأحذية، هاسل هارتس لصالح شركة نايكي، كما أنه أطلق فيديو تمارين رياضية لصالح الشركة ذاتها (مع سيرينا وليامز)، بينما كان يرتدي ذلك الحذاء. وهو يفعل كل هذا خلال قيامه بالجولات، تصوير الأفلام، الترويج والجري. الجري الدائم باستمرار. تغطي نشاطات كيفن هارت مجالاً واسعاً من التنوّع في محاولة منه لترك بصمته في كل مكان يصل إليه. ويقول، «عيني على الجائزة، والجائزة هي تحقيق العظمة. الانجاز الذي أتمناه من أعماق قلبي هو أن أصبح قطباً هاماً في مجالي. جاي زي هو مثال أحذو حذوه. انه رجل يمضي قدماً ضدّ التيار وينتصر على الصعاب دائماً. سأبذل قصارى جهدي أن أتبع خطاه في الكوميديا
جاي زي الكوميديا. إذا كان هناك أي شخص على مستوى التحدي، فهو كيفن هارت. الخطوة التالية الآن هي أن نجد ستاربكس