مع محرك من عشر أسطوانات وعلبة تروس بقابض فاصل مزدوج، هل يتمكّن إعصار هوركان الهائج من زحزحة حصان إيطاليا الجامح عن عرش أفضل سيارة رياضية؟
خلال متابعتي مؤخراً لعرض فيلم "إيتاليان جوب" الذي تُظهر مقاطعه الأولى سيارة لامبورغيني ميورا وهي تعبر طرقات جبلية متعرجة على أنغام موسيقى حالمة تقاطعها نغمات محرك من إثنتي عشر أسطوانة، شعرت بإنزعاجٍ شديد عند وصول السّيارة إلى إحدى الأنفاق وإصطدامها بجرّافة وضعها الأشرار عند نهاية النفق بهدف إغتيال السّائق، ليتحوّل المشهد الموسيقي من صراع بين أنغام عذبة وهدير مثير إلى صوت تصادم تبعه إنفجار كبير أفسد الأمر. أما اليوم، فها أنا على حلبة ياس على متن أحدث ما أنتجت مصانع لامبورغيني من ثيران هائجة أتنقّل بين منعطفات الحلبة المثيرة، لا لأصطدم بجرافة هنا أو أشرار هناك، بل للتمتع بأنغام محرك الأسطوانات العشر العذبة وهي ترتد على الجدران الإسمنتية.
وتتمكّن هوركان من إرضاء السّائق في مختلف المجالات، إلا أنّ المهمة الملقاة على عاتقها ليست مهمة سهلة أبداً، فهي بحاجة لخوض منافسة مع سيارات تتمتع بأداء ممتاز على غرار فيراري F8 تريبوتو، ماكلارين 720 وابنة العم أودي R8.
ورغم أنّ الإتجاه الذي يتبعه معظم صانعي السّيارات حالياً يقضي بتوفير محركات أصغر حجماً تحتاج إلى مساعدة أجهزة التوربو كي تولد قوتها القصوى، إلا أنّ الصانع الايطالي لا يزال يؤمن أنّ محركات السّحب العادي الكبيرة لا تزال تمتلك في جعبتها ما تقدمه من أداء رفيع دون ترك أثر كبير على البيئة، لذا فإنّ محرك هوركان يستفيد من تركيبة حقن مباشر وغير مباشر للوقود بهدف المساعدة على تحقيق معادلة القوة العالية مع أقل نسبة إصدارات ممكنة.
ومما لا شك فيه أنّ محرك الـ V10 لا يزال يقوم بدوره على أكمل وجه، وذلك لأنه قادر على دفع السّيارة من حالة التّوقف التّام إلى سرعة 100 كلم/س خلال 3.1 ثانية، وإلى سرعة 200 كلم/س خلال 9.3 ثانية قبل الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 325 كلم/س.
على الطّريق أو فوق الحلبات، تتمتع هوركان بأداء عام جيّد، إذاً لا يتطلب منك الأمر سوى بضع دقائق خلف المقود كي تتمكّن من ملاحظة حجم التطوّر الذي طالها بالمقارنة مع هوركان التّقليدية، وهذا ما لاحظته شخصياً خلال تواجدي برفقة الزملاء على الحلبة ياس.
وتوفّر السّيارة الكثير من العزم على سرعة دوران محرك منخفضة نسبياً، إلا أنّ قمة العزم تأتي عند دوران المحرك على سرعة 6,500 دورة في الدّقيقة. وبما أنّ العزم المرتفع يتوفّر على سرعات دوران منخفضة تشعر أنك قادر على إختيار نسبة أعلى مما كنت تظن أنها ضرورية لإجتياز منعطفٍ ما.
ويمكن التّحكم بمعايير قيادة السّيارة عبر استخدام نظام تُطلق عليه لامبورغيني تسمية ANIMA، وهو عبارة عن مفتاح دوّار مثبّت على المقود (شبيه بما يتوفر لدى فيراري تحت تسمية مانيتينو) يوفّر ثلاثة أنماط قيادة هي سترادا، سبورت وكورسا تتغير معها إعدادات كل من المحرك، الهيكل، نظام التّوجيه وعلبة التّروس.
وخلال القيادة على النمط كورسا (السّباق) يكون هدف تجهيزات السّيارة أن توفّر دوران خالي من أي خطأ أو إنزلاق على الحلبة، أما عندما تشعر بأنّ هذا الأمر بدأ يُصيبك بالملل، فما عليك سوى أن تعتمد النّمط الرّياضي (سبورت) الذي يسمح لك بالإستمتاع بإنزلاقات مثيرة قبل أن تتدخل الإلكترونيات وتمنعك من الخروج عن الحلبة. وما تمكّنت من ملاحظته أيضاً هو أنّ النّمط كورسا يجعل عملية تعشيق نسب علبة التّروس تتم بوحشية.
ومما يُعزّز أداء السّيارة على الحلبة هي المكابح المصنوعة من مزيج الكربون والسّيراميك (بشكلٍ قياسي) التي ما أن تعتاد عليها حتى تتمكّن من تأخير نقاط الكبح بشكلٍ أكبر مما كنت تعتقد أنه آمن.
وتُترجم صلابة هيكل هوركان على الحلبة عبر سلوك راقي، وهذا ما تمّت ملاحظته على المنعطفات السّريعة، حيث توجّب عليّ الإنتظار قليلاً قبل الضّغط مجدداً على دواسة الوقود خوفاً من الوقوع في فخ التّلكؤ في الإنعطاف، ولكن ما أن تعتاد على هذا الأمر حتى تكتشف أنّ هوركان توفّر تماسكاً جيّداً بفضل نظام دفعها الرّباعي الذي يوزّع عزم الدّوران بين المحورين الأمامي والخلفي بنسبة 30/70 في الظّروف العادية، علماً أنّ هذا النّظام يمكنه عند الحاجة أن يعدّل تلك النّسبة كي تُصبح 50/50 أو 100/100.
وكما هو متوقع من سيارة سوبر رياضية مع محرك مثبّت بوضعية وسطية، فإنّ الرّؤية الخلفية ضعيفة رغم أنها تتوفر من خلال مقصورة قيادة موضّبة بعناية مع مساحة رحبة للرأس والركب فوق مقاعد مكسوة بجلد النّابا الفاخر، توفّر مستويات راحة جيّدة رغم أنها توفّر دعماً مُبالغ فيه لمنطقة أسفل الظّهر. أما الشّاشة المثبّتة في الكونسول الوسطي فهي توفّر عرضاً واضحاً، بالإضافة إلى كونها قابلة للتعديل.
وتكتسب المقصورة الدّاخلية رونقها الخاص من خلال المُضلّعات السّداسية التي باتت من السّمات الخاصة بالصانع الإيطالي والتي لا تترك مساحة إلا وتسيطر عليها. أما إذا كان لا بد من التّحدث عن سلبيات المقصورة، فإنّ الحديث عندها سيتركز على كثرة أدوات التّحكم المستعارة من ما توفره مجموعة فولكس فاغن مالكة لامبورغيني، إلا أنّ هذا الأمر ليس برأيي أمراً قد يمنع عشاق الثور الإيطالي الهائج من الحصول على السّيارة، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ما تتمتع به هوركان من جمال خارجي.
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أنّ هوركان أيفو V10 هي فعلاً سيارة مُصمّمة ومنفّذة بعناية بشكلٍ يجعلها من أجمل ما خرج من مصانع سانت أغاتا، ولكن هل ستتمكّن من التفوّق على عدوّتها اللدودة فيراري F8 تريبوتو؟ وهل ستتمكّن من محاربة الزّمن كما فعلت جدتها كونتاش؟ وحده الوقت كفيل بالإجابة على هذه الأسئلة.