بخطوطها الخارجية ذات الإنتماء العائلي الواضح، محركها الاقتصادي وتجهيزاتها الداخلية الفاخرة هل تكون ديسكفري الورقة الرابحة على طاولة الـ SUV العائلية؟
كي يتمكّن صانع سيارات من بناء سمعة طيبة في عالم المركبات المخصّصة للطرقات الوعرة فإنه يحتاج لسنواتٍ طويلة من الدراسات، التجارب، الإخفاقات ثم النجاح. إلا أنّ لاند روفر ومع ديسكفري تمكّنت من المضي قدماً في تحقيق ما يعجز الآخرون عنه منذ ظهورها الأول عام 1989، وحتى عندما مُنحت السيارة تسمية LR3 ومن بعدها LR4 في بعض الأسواق، لم يؤثر هذا الأمر أبداً على شعبيتها حتى في ظل تعاظم الدور الذي يقوم به شقيقها (أو إبن عمها بتعبيرٍ أصح) المُتربّع على عرش ملك مركبات الدفع الرباعي، أي طراز رانج روفر. ولكن جديد ديسكفوري اليوم هو الإبتعاد عن النمط التصميمي الذي عُرفت فيه سابقاً والإستغناء عن مبدأ المنصة المستقلة لصالح هندسة مدنية أكثر تقوم على مبدأ المنصة المدمجة مع هيكل السيارة.
ولسيارتنا التي نقوم اليوم بإخضاعها لتجربة قيادة، تجهيزات كريمة نذكر منها مصابيح إنارة أمامية تعمل بتقنيةLED وعجلات معدنية قياس 20 بوصة، ولكن وعلى خلاف الجيل السابق الذي كان يعتمد تصميماً صندوقياً، فإنّ هذا الجيل الثالث من ديسكفري يأخذ طابعاً مدوّر الزوايا بعض الشيء، مع مقدمة تتشابه إلى حدٍ بعيد مع ما يتوفر لـ رانج روفر، باب خلفي تقليدي، لوحة تسجيل خلفية غريبة من المفترض أن تذكركم بالتصميمات المدرجة للنوافذ الخلفية لأجيال ديسكفري السابقة.
ميكانيكياً، تتمتع ديسكفري بنسختها التي توفّرت لنا اليوم بمحرك يتألف من ست أسطوانات سعة 3.0 ليتر مع شاحن هواء توربو يساعدها على توليد قوة 340 حصاناً على سرعة دوران 6,500 دورة في الدقيقة و 450 نيوتن متر من عزم الدوران عند مجال يتراوح بين 3,500 إلى 5,000 دورة في الدقيقة.
ويمكنني القول بأنّ أكثر ما يُثير الإعجاب في ديسكفري الجديدة هي الإنقيادية العالية الراحة التي تتمتع بها. فرغم أنّ سيارتنا أتت مع عجلات بقياس 20 بوصة تغطيها اطارات بقياس 285/40، إلا أنّ التعديلات التي طالت نظام التعليق الهوائي فيها ساهمت بجعله يوفّر مزيداً من الراحة.
على الطريق، لعل أبرز ما يُميّز ديسكفري هي وضعية القيادة المُشرفة من الأمام، والتي تُعتبر من بديهيات سيارات لاند روفر بشكلٍ عام، الأمر الذي يوفّر للسائق شعور بالقدرة على التحكم بمجريات الأمور، علماً أنّ السيارة قادرة أيضاً على لفت أنظار المارة بسبب خطوطها التي تمزج الأناقة والرقي مع الحضور القوي على الطريق. ومن جهته، يؤمن جهاز التعليق الهوائي الذي جُهزت به النسخة التي قمنا بتجربتها مستويات عالية من الراحة التي تتوفر من خلال إنقيادية واثقة ومتماسكة مع سطح الطريق.
على مستوى المقصورة، تستفيد ديسكفري من فلسفة التصميم الجديدة والمعتدلة، مع مقاعد جلدية بحياكية متناغمة وأسطح مكسوة بمواد ناعمة الملمس على لوحة القيادة وألواح الأبواب العلوية، في حين تأتي الألواح ما دون مستوى الخصر وفي كامل منطقة الصف الثالث من المقاعد من البلاستيك القاسي.
ورغم عدم وجود عتبات تحت الأبواب لمساعدة الركاب على التسلق وصولاً إلى المقصورة، إلا أنّ جهاز التعليق الهوائي يساعد على ذلك بنسبة كبيرة كونه ينخفض إلى أدنى مستوى عند إيقاف عمل المحرك، وبالتالي يُصبح الدخول والخروج من السيارة أمر بغاية السهولة، خاصةً أنّ الحافة الداخلية للأبواب تميل نحو الداخل، الأمر الذي يعزز مستويات العملانية ويمنع أرجل السائق والركاب من الإحتكاك مع الوحول التي من الممكن أن تكون قد تمركزت على حافة السيارة السفلية خلال العبور فوقها.
وبالنسبة لمستويات الراحة التي تتوفر للركاب، فإنّ المقاعد تأتي كبيرة، و هي أشبه بالأرائك مع مساند الذراع القابلة للتعديل الشهيرة من لاند روفر، أما ركاب القسم الخلفي من المقصورة فهناك مساحة رحبة جداً مُخصّصة لهم في الصف الثاني، في الوقت الذي تتسع فيه مقاعد الصف الثالث القابلة للطي بنسبة 50:50 للبالغين المتوسطي الحجم.
ولطالما تمّ طي صف المقاعد الثالث، فإنّ المساحة المتوفرة للتخزين تٌعتبر جيّدة رغم أنّ الأرضية ليست عميقة كما هي الحال في معظم السيارات المنافسة المتوسطة الحجم.
وبمناسبة الحديث عن المقاعد، لا بد أن نشير إلى أنها تتمتع بأفخر أنواع الجلود التي قام خبراء لاند روفر بتحديد كل عنصر من عناصر حياكتها بدقة. ولكن، وعلى الرغم من أهمية مقاعد ديسكفري بشكلٍ عام، إلا أنّ المقعد الذي لا يتوجب على المالك الاستغناء عنه هو المقعد الأمامي الأيسر حيث تتواجد أدوات القيادة، إذ أنّ لقيادة أي فئة من فئات ديسكفري متعة خاصة، أما إذا كانت الفئة التي نتحدث عنها هي الفئة HSE التي نقوم هنا بتجربتها فإنّ تجربة القيادة المميزة تكتسب مزيداً من التميز، علماً أنّ الروح الرياضية العالية التي نتحدث عنها هنا ليست تلك التي تتمحور حول سرعة عالية في المقاطع المستقيمة، كالتي يمكن أن تتوفر لأي سيارة مزوّدة بمحرك كبير، بل هي أكثر من ذلك، فهي تتمحور حول القدرة على اجتياز المنعطفات بسرعةٍ عالية تترافق مع مستويات تماسك ممتازة بالنسبة لسيارة ذات خلوص مرتفع.
وفي سياقٍ متصل، يوفّر نظام التوجيه المعزّز توجيهاً خفيفاً ودقيقاً في الوقت نفسه، كما أنه يوفر احساساً أكثر من جيّد بالطريق.
وبالنسبة للأمر الأهم على متن سيارة تحمل شعار لاند روفر على جسمهاـ أي القيادة في المناطق الغير معبّدة، فإنّ قدرات العبور المناطق الوعرة تُعتبر أكثر من ممتازة بفضل نظام ادارة التضاريس، الاختيار الالكتروني للتروس المنخفضة المدى، نظام التحكم بصعود ونزول الهضاب وغيرها من الأنظمة.
وفي الختام، يبقى السؤال هل أنّ لاند روفر ديسكفري HSE تستحق لقب "سيارتي الجديدة" في مخيّلة كل من قرر الحصول على SUV فاخرة؟ للإجابة على هذا السؤال الكبير يتوجب علينا أن نجيب على سلسة من الأسئلة الصغيرة في البداية، هل تتمتع سيارتنا بالشخصية القوية والأداء الأكثر من ممتاز، الإجابة نعم، هل هي صاحبة خطوط راقية وانقيادية متوازنة؟ الإجابة نعم، هل هي معزّزة بتقنيات سلامة تُعتبر من الأفضل في الأسواق؟ الإجابة هي أيضاً نعم، فإذاً وبالتأكيد تستحق ديسكفري HSE لقب "سيارتي الجديدة".