لأكثر من أربعة عقود، كان الكاتب مارتن أميس مساهماً مستمراً لمطبوعات رائدة مثل نيويوركر وإسكواير والأوبزرفر، يكتب فيها عن عوالم السياسة والأدب والترفيه بلغة مميّزة. وللكاتب الكبير روايات مثل "راشيل"، "المال"، و"حقول لندن" التي مكنته من أخذ مكانة ملك الأدب البريطاني (خلف والده السير كينغسلي) وكانت مقالاته التي تناولت موضوعات
متنوعة مثل العائلة المالكة البريطانية وغيرها أفضل أسلوب عرض لذكاء وفكر مارتن أميس.
كتاب جديد (The Rub of Time) يضم 45 مقالة كتبت بين عامي 1994 و 2017 ويحكي عن الهواجس الأدبية المستمرة لدى الكاتب اضافة إلى الحديث السياسي. بعد الانتقال إلى نيويورك في عام 2011، وصل أميس إلى أمريكا في الوقت المناسب لدراسة الصعود السياسي للرئيس دونالد ترامب. هناك أشياء مبهجة ومضحكة في هذا الكاتب في مسار توثيق قراءته للرئيس غريب الأطوار في "أمريكا المشلولة" (Crippled America). إن من مزايا هذا الكاتب أنه يثير ضحكنا في حديثه كما يفعل ذلك في كتاباته.
تعكس احدى المقالات في الكتاب خبراته في الرحلات وكيف يبسط لغته في الأماكن التي لاتتحدث بالانجليزية لينزل مستواها إلى مستوى اجابات طلاب الصف الثامن.
في حديثنا عن الطلاب والدراسة والشباب، أهديت هذا الكتاب للحفيدين: إسحاق واليانور. وفي أحد المقالات، تتحدث عن اسم "تيم" ولاتعتبره اسماً عظيماً. كيف اخترت أسماء أطفالك؟
سميت ابنتي الصغرى بإسم "كليو" ، باسم عروس التاريخ، وابني الأول، لويس، استخدم اسمي كإسم أوسط بين الاسم الأول والكنية. عندما ترزق بالولد الأول، تتعب كثيراً في اختيار الاسم. تعبت أنا وزوجتي الأولى في اختيار الاسم حتى فقدنا الأمل في الاتفاق على اسم حتى كنا على وشك تسميته بـ "المرحاض". لايهتم الناس عادةً بتسمية أولادهم بعد الولد الأول.
هل كانت الأبوة مختلفة عن توقعاتك؟
لقد أصبحت مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى، وبصرف النظر عن اختيار زوجتك، أن أجمل الأمور في حياة الانسان أن تصبح أباً. كنت بارداً تجاه الأمر عندما كنت في الثلاثينات من عمري، وقد فاجأني ذلك واعتقدت أن النساء فقط يشعرن بذلك. تحتاج أن يكون هناك وجه جديد في منزلك. لا أعرف كيف يمكن أن تكون الحياة بدونهم. بالتاكيد، الشعور باحساس الجد ليس بالاحساس الرائع ولكن علينا أن نتغلب على هذا الأمر. آمل أن أرى أحفادي أكثر فهم يعيشون في لندن.
كتبت في احدى المناسبات أنك عندما انتقلت إلى نيويورك ، فاجأتك "الكتلة الهائلة لأمريكا". ما الذي أضاف ذلك أيضاً إلى صدمتك الثقافية؟
زوجتي الثانية من نيويورك، ولكنها عاشت لنحو 30 عاماً في لندن. وبالتالي، عندما انتقلنا إلى هنا، اكتشفنا المكان سويةً. اعتقدت أنني كنت معتاداً على الحياة الأمريكية من زياراتي، وكنت أتحدث باللهجتين الانجليزية والأمريكية. شعرت دائماً بأن هناك ضعفاً في السياسات الأمريكية، وتغضبني جداً تلك السياسات الآن. هناك أنظمة دُمرت، مثل الرعاية الصحية الأمريكية، وهناك البيروقراطية الأمريكية والسماح بالأسلحة والعنصرية الأمريكية.
"اعتقدت أن النساء فقط يشعرن بذلك... لكنك تحتاج أن يكون هناك وجه جديد في منزلك"
ما أكثر ما تفتقده في إنجلترا؟
في الحقيقة، الناس. أعتقد أن الأمريكيين والبريطانيين يتشاركون في الود والكرم لكنني أقول أن الإنجليز متسامحون أكثر. الانجليز أكثر حذراً من الأمريكيين.
ما الذي أدهشك أكثر – الخروج من الاتحاد الأوروبي بالنسبة لبريطانيا أم فوز وسياسات ترمب؟
ترمب. لا أحد في إنجلترا عندما اختار الخروج من الاتحاد الأوروبي عرف عن ماذا يصوّت وما يحمله الاختيار من نتائج. الأمريكيون أرادوا المزيد من المكاسب واختاروا اختياراً غبياً. ماذا توقعوا، لا أعلم!
في تحليلك للحزب الجمهوري في عام 2016 ، بعد قراءة أول وآخر كتاب للرئيس ترامب، تسائلت عن ما حدث بحديثك عن السقوط "الفظيع" بين الكتابين. ما الذي يدور في بالك عندما تستمع إلى خطابات ترامب حالياً الآن؟
انها مؤلمة ومضحكة. يتحدث مثل ولد عمره 14 عاماً – إنه مثير للشفقة، ويجعلني أهز رأسي بيأس، الحس السليم والدعابة يتماشيان مع بعضهما البعض. ترامب - بعيداً عن المزاح – إنه لا يصدق وليس لديه حس الدعابة ويفتقد إلى الحس السليم.
بعد أن كتبت عن الأميرة ديانا، كيف رأيت تطور دور المشاهير الملكيين منذ ذلك الوقت وحتى حقبة ميغان ماركل؟
أحب ميغان ماركل وكيف تنظر هي وهاري لبعضهما البعض. يبدو كل منهما حقيقي للغاية. لكن الشهرة خطيرة: فقد قال الكاتب الكبير جوزيف كونراد أن المخرب يندفع بالرغبة لعمل انطباع ضخم. لكنهما لن يفعلا ذلك بالطريقة الصعبة - يعرفون أنهم ليسوا كذلك. يعرفان أنهم لن يحظيا بالخلود لو عملا في تخطيط مدينة مثل القاهرة. من ناحية أخرى، أصبحت متابعة التقاليد الملكية شكلاً من أشكال الاساءة للطفل. هناك أطفال من المشهورين.. هذه هي السخافة بعينها. ماهو الانجاز في أن يكون عمرك ثلاث سنوات؟
في مقال آخر، تقول أن الكتّاب يموتون ميتة مزدوجة - "مرة عندما يموت الجسم ، ومرة عندما تموت الموهبة" كيف أثر هذا الوعي على كتاباتك؟
إنها عملية بطيئة. و هناك استثناءات رائعة - أنتج بعض الكتّاب أفضبل مالديهم في الثمانينات من عمرهم. زوجة أبي، إليزابيث جين هوارد، واحدة من هؤلاء. ولكن يجب أن نتوقع فقداناً تدريجياً للأصالة - وهي مثل الموهبة... لا أستطيع العمل مثلما كنت أعمل في الماضي، أربع أو خمس ساعات تضاءلت إلى ثلاث ساعات وأعتبرها جيدة.
ترجمة : حكم خير الله | الرسوم : شلو كوشمان