الملاكم الذي هز العالم | بقلم معن حمزي
ولد في لويزفيل، كينتاكي عام 1942، وكان اسمه عند الولادة كاسيوس كلاي. لمع نجمه في سماء الشهرة باكراً – كان في الثامنة عشرة من عمره عندما فاز بالميدالية الذهبية في الوزن الخفيف الثقيل عام 1960 في أولمبياد روما. بعد أربع سنوات اكتسحت شهرته العالم عندما هزم سوني ليستون وأصبح بطل العالم في وزن الثقيل. تحداه ليستون لمباراة الردّ، ولكنه هذه المرة تغلّب عليه بالضربة القاضية بعد مرور 100 ثانية فقط من النزال؛ وبالتالي، أثبت أنّ العظمة قدره دون أدنى شكّ. شملت مسيرته الرياضية 61 نزالاً، فاز بـِ 56 منها – من أصلها 37 بالضربة القاضية.
لندع كل الإنجازات الرياضية جانباً، ولنتحدّث عن محمد علي الإنسان. ما يميّز شخصيته في الواقع هو موقفه الواضح والشجاع من مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية. فخلال الستينات عندما كانت حركة حقوق الإنسان حامية الوطيس، كان شخصاً فعّالاً فيها بحيث حاز عن جدارة لقب المثل الأعلى للفخر العرقي للأمريكيين من أصل أفريقي، كما أنّه غيّر اسمه الذي كان يعتبره "رمز العبودية"، ليجعله محمد علي، وليواجه بكل جرأة وشجاعة قضايا التمييز العنصري التي كانت سائدة تلك الآونة. ولكنّ ذلك كلّه لم يكن مجانياً بالطبع، إذ كان عليه دفع ثمن مواقفه المشرّفة هذه. لذا سُحب منه لقب الوزن الثقيل كما أنه حُرم من ممارسة الملاكمة لثلاث سنوات بسبب معارضته لحرب فيتنام ورفضه الانضمام للقوات المسلحة.
ولكن، من ناحية أخرى، ساهمت جاذبيته وشجاعته في الدفاع عما يؤمن به – من تأييد للعدالة، والمساواة، والحرية – في انتشار شعبيته بشكل أكبر وأوسع؛ كان لديه على الدوام مقولةً يرددها في مقابلاته فيشعل بها الإعلام الجماهيري بين مؤيّد لما يقول، ومعارض له. كان علي، بكل المقاييس، شخصاً متمسّكاً بأصالته، فطِناً، يجذب الأضواء في أية مسألة. كان صريحاً، شجاعاً، وقوياً، ومع ذلك يتحلّى بالروح الرياضية والمراوغة الجميلة ذات الحس العالي، والذكاء والمرح. كان بليغاً طلْق اللسان، إن كان في استخدام الكلام البذيء البشع ليستفزّ خصومه قبل المباريات، أو في استخدام الكلام الشاعري المسترسل الموجّه لكل من يسمعه – أي للعالم أجمع، لأنّ شعبيته امتدّت إلى جميع أنحاء العالم.
بعد أن تمّ تشخيص مرضه على أنه مرض باركينسون عام 1984، خصّص الكثير من وقته للأعمال الإنسانية. ففي عام 1990، أشرف لوحده وبدون مساعدة من أحد على إطلاق سراح 15 رهينة أمريكية كانوا مُحتجَزين في العراق في الفترة التي واكبت حرب الخليج. قُلّد الوسام الرئاسي للحرية عام 2005، كما احتفى العالم أجمع بإنجازاته الرائعة. شكّلت وفاته في الثالث من حزيران من هذا العام في فونيكس، أريزونا خسارة فادحة للجميع.
لقد كان الأعظم، تعالوا نحتفي به من خلال كلماته العذبة التي تشحن الروح إلهاماً.
كرهتُ كلّ لحظةٍ من لحظات التدريب، لكنّي كنت أقول لنفسي، ’لا تستسلم. اتعب الآن وعش بقية حياتك بطلاً
من لا يمتلك الشجاعة الكافية للمجازفة، لن ينجز شيئاً في حياته
المستحيل هو كلمة كبيرة لا يقولها إلا رجل صغير يجد الاستسلام للعالم الذي وجد فيه أسهل من اكتشاف القوى الداخلية التي يمتلكها ليغير بها هذا العالم
لا تتم صناعة الأبطال في النوادي الرياضية. ما يصنع الأبطال حقاً هو شيء مغروس عميقاً في داخلهم – إنه الرغبة، الحلم، والرؤية. يجب أن يتحلوا بالمهارة، والإرادة أيضاً. لكن تلعب الإرادة دوراً أكبر من المهارة
كيف يريد علي أن يذكره الناس