يجعلك الحديث مع المدير الإبداعي لشركة بولوفا تيري كاسياس تؤمن كلياً بالفكرة القائلة أنك عندما تتبع شغفك، مهما يكن هذا الشغف، تصل إلى أقصى إنجازاتك. هذا الكلام هامّ جداً عندما تتحدث عن شخص متخصّص في تصميم الساعات ولكنك لا تستطيع أن تجادل القدَر أو أن تجادل التصميم الجيد فيما يتعلق بموضوع اتباع الشغف. تخرّج كاسياس من معهد برات حاملاً إجازة في التصميم الصناعي متأمّلاً الدخول في مجال صناعة السيارات. وعوضاً عن ذلك عمل بجد في مجال التصميم الإستهلاكي مركّزاً على التعليب والتغليف ومواد نقاط البيع. ولكن كانت عينُه دوماً على الإبداعات التصميمية وكيف يمكن لهذه التفاصيل التصميمية أن تلهم وتعكس الهوية الشخصية للمرء. وأخيراً وبعد تجديده للساعات النسائية لشركة فوسيل وتحويله ساعات مارك جاكوبز إلى حاجة أساسية لكل امرأة، انتقل إلى بولوفا إحدى الشركات الرائدة في مجال صناعة الساعات الفاخرة. عند هذه المرحلة أدرك كاسياس أخيراً التوازي بين الشغفين الذين يسكنان روحه: تصميم السيارات وتصميم الساعات. ومن الطبيعي أن تكون النتائج رائعة بكل ما في الكلمة من معنىً
حدّثنا عن ردّة فعلك الأولية عند تعيينك في بولوفا؟
كنتُ مسروراً جداً. لقد أحببت تاريخ هذه العلامة التجارية بالإضافة إلى ما تعنيه لي على الصعيد الشخصيّ. عندما كنت صغيراً، حصلتْ أمي على ساعة بولوفا أهدتْها إياها جدتي حين بلغت عمر الـ 16 عاماً. جمعتْ أمي العديد من الساعات وكان هذا الاسم يتردد على مسامعي. ولكوني مصممٌ صناعي درستُ تاريخ التصميم، مما جعلني أتعرّف على ساعات بولوفا أكيوترون. كانت هذه الساعة إحدى أكثر الساعات تقدّماً في ذلك الوقت من حيث التصميم. وحتى الآن، هل يمكنك أن تشاهد الكثير من الساعات ذات الغطاء المشابه لساعة ألفا؟ من وجهة نظري كمصمّم، استطعتُ رؤية القدرات الكامنة التي امتلكتْها هذه العلامة التجارية
ما الأمر المميّز في هذه الساعة الذي اجتذبك على الصعيد الشخصي لتقوم بهذا الانتقال؟
يتجلّى الأمر في الذوق التصميمي لدي المعجَب بساعات أكيوترون التي تنتمي لحقبة الستينات، بالإضافة إلى التاريخ الذي تتمتع به هذه الساعات. لقد كانت فوسيل بالنسبة لي شركة رائعة للعمل لديها وقد تعلمت الكثير فيها ولكن عمرها لا يتجاوز 30 عاماً. استطاعتْ هذه الشركة أن تبني هالة كبيرة حول علامتها التجارية، ولكن بولوفا تمتلك هذه الهالة مسبقاً
كيف دخلتَ مجال صناعة الساعات؟
أنا مصمّمٌ صناعيّ. وشغفي الآخر هو السيارات. لا يتوفر للرجال الكثير من الأمور ليتمتعوا بها من حيث المجوهرات ورموز المنزلة الاجتماعية الأخرى. ينحصر الأمر في السيارات والساعات. ولكنني كنتُ دوماً مولعٌ في الجانب الملهِم تقنيّاً فيهما. ما يعجبني في السيارات هو نفس الأمر الذي يروق لي في الساعات. الساعات هي تعبير عن شخصيتك و تفرّدك، ولكن من حيث المنتَج ذاته، وهي ماكينات صغيرة مُذهِلة بما تحتويه من تقنية. كوني مصمّم صناعي يجد الجانب المولع بالتقنية في شخصيتي مجالاً ليعبر عن نفسه في مجال الساعات من خلال إعتماد مواد وأساليب جديدة لصنع الأشياء.
من أين يأتيك الإلهام؟
عندما لا يكون لدينا عمل تصميمي، أذهب مع فريقي إلى متحف ما لتمضية اليوم أو أذهب إلى موما لأستطلع، أو نمشي في السوق أو نذهب إلى سوهو لننظر إلى محلات الأزياء الصغيرة، كما يمكن أن نذهب إلى معرض للسيارات. نحن نستمد الإلهام من كل مكان. تعتبر معارض الساعات ومجلات الساعات طريقة لنبقى على اطلاع بما يستجدّ في الصناعة، ولكنني أحرّض المصممين لديّ كي لا يستمدّوا إلهامهم من الساعات الأخرى حتى لا يصل بهم هذا الأمر إلى التاثر المباشر بها، يستمد الجميع إلهامهم من كل ما هو حولهم. تبدو كل الأشياء في البداية متشابهة. لذا أحرّضهم كي ينظروا بجديّة إلى الأشياء الأخرى. إننا نراقب تصميم الكثير من السيارات والدراجات النارية والطائرات وأغلب وسائل النقل. إننا ننظر إلى كل ما هو مبدع وجميل، بل أننا ننظر أحياناً إلى الطبيعة. هذا هو الأمر الغريب: إنه عمل من الساعة التاسعة إلى الخامسة ولكن تأتيني الأفكار أحيانا الساعة الواحدة صباحاً يوم السبت فأقول لنفسي، علي أن أرسم هذه الفكرة قبل أن أنساها
إنه يتكلم عن تلك الساعة على الدوام
لقد وصلت بولوفا إلى ما هي عليه عندما أطلقتْ ساعتها الشهيرة أكيوترون عام 1960. ومن خلال استعمالها لشوكة ضبط 360 هرتز ودارة بندول أحادية الترانزيستور أصبحتْ ساعة اليد الإلكترونية الأولى في العالم. وكانت بولوفا شديدة الفخر بهذه الإنجازات، حيث حافظتْ الشركة على إمكانية رؤية الجزء الميكانيكي من خلال غلاف سبيسفيو الذي صممته الشركة بنفسها – والذي ساهم أيضاً في جعل أكيوترون ذات يوم الساعة الأكثر جاذبية في العالم أيضاً