بقلم : غريغ هدسون | تصوير : آري مايكلسون | الآزياء جسيكا باستر

إنّ الحديث عن الممثلة كارلا جوجينو متشعّب ومثير، فهي الفائزة بلقب أجمل امرأة وثقتها الكبيرة بجاذبيتها وإثارتها أمرٌ رائع. ولديها كامل الحق في ذلك فجمالها رائع وابتسامتها آسرة وسحرها لا يُقاوَم. جمالها مثاليّ لا يضاهيه إلا جمال فتاة أحلامك التي تركتها للتو في المنزل. وإثارتها طاغية لا يعدلها إلا إثارة فتاة قابلتها لتوّك وتمكنت من أسر قلبك. أكثر ما يثير الدهشة أنها ما تزال تحتفظ بكل هذا السحر والفتنة مع أنها تجاوزت مرحلة العشرينات من عمرها، منذ أكثر من عقدين.
يفسّر عمر جوجينو تصرفاتها في هوليوود أو على صفحات المجلات ضمن إطار حسن التصرف ولو جزئياً. فكلّما أخفقتْ في أمر ما، تتابع من جديد بهمّة أعلا.
إنها تمثّل جيلها في مسلسلها الجديد «روديز». تدور أحداث مسلسل «روديز» خلف كواليس صناعة نجوم الروك والأشخاص الذين يساهمون في صناعتهم. العمل من إخراج كاميرون كراو الذي يُعتبَر أهم مخرِج ما يزال يعمل من جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية. نلاحظ في العرض التجريبي أن طاقم العمل المنتمي للجيل الجديد لديه وجهات النظر ذاتها التي كانت فيما مضى لدى الأجيال السابقة: فيما يتعلق بالمصداقية ورقي ونقاء الموسيقى. ويتضح هذا التوافق في وجهات النظر أيضاً في فيلم أولموست فيماس تو وهذا أمر رائع في الواقع.
يقوم الجيل الذي تنتمي إليه جوجينو، وخاصة جيل النساء بالتغيير بفضل مهارتهن وذكائهنّ وطاقتهن المزدهرة وجاذبيتهن العنيدة. وغالباً ما يغفل الناس عن هذه الحقيقة.
تعتبر مسيرة جوجينو الفنية خير مثال على ذلك. فهي لم تحمل يوماً عبء أن تكون محبوبة أمريكا. لذا استطاعت أن تختار أدوار أمهات مفعمة بالانفعال، أدواراً مظلمة ومضيئة في الوقت ذاته. تتمثل ذروة هذه الثنائية في دورها في روديز. حيث إستطاعت أن تشرح وتقدم مع لوك ويلسون مفهوماً جديداً للشراكة في العمل عوضاً عن مدير وسكرتيرته.
كما يمكننا أن نتحدّث عن أعمالها وعن التنوّع الفريد في أدوارها فنرى مدى التزامها بخطّها الفني ولكن ما يثير الاستغراب أنها لم تكن تحت الأضواء بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن نتحدث عن أدائها الفني فنرى مدى اندماجها بالشخصيات النسائية التي تؤديها.
ولكن من الأفضل أن نتركها تقود دفة الحديث بنفسها

كانت انطلاقتك في مسلسل سيفد باي ذا بِل. إذا عدنا إلى ذلك الوقت، هل كان لديك أدنى فكرة حول غرق زاك موريس في ذلك العمل ؟
إنك ترجع بسؤالك هذا إلى زمن بعيد. مع أنني أحببتُ دوري في سيفد باي ذا بِل (حيث قابلت إحدى أعزّ الصديقات على قلبي، إليزابيث بيركلي) لكني سعيدة أن ابتعدت عن ذاك العمل. بالتأكيد لم يكن لدي أدنى فكرة ولم أفكر بأن أحصل على أدوار مسرحية في برودوي بعد ذلك.
قرأتُ أنك كذبتِ بشأن عمرك لتحصلي على دورٍ في العمل التلفزيوني، تروب بيفرلي هيلز. أخبرينا القصة ؟
نعم. كانت تلك المرة الوحيدة التي أكذب فيها بشأن عمري لأحصل على دور. قلت أنني في الرابعة عشرة من عمري (العمر المطلوب للشخصية) بينما كنت في السادسة عشرة. عندما ترى صورة الكادر التمثيلي ترى أنني كنتُ أطول بما يقرب من 30 سم من الآخرين. لن يحدث هذا الأمر ثانية. أخبرت مخرج الفيلم جيف كانيو بالحقيقة عندما كنا في منتصف التصوير فقال، «لو علمتُ أنك في السادسة عشرة لما اخترتك.» تعلّمتُ درساً من ذلك: لا أحب الكذب. ولكنني لا أعتقد أنّنا نحتاج لمعرفة عمر أو عرق الفنان أو التفاصيل الأخرى المتعلقة به. هنا يشعر المرء بالإحباط بسبب قصة العمر هذه أنظر إلى قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت (IMDB). المهم أن نستطيع إقناع المشاهد بأدائنا للشخصية. إننا نعرف أكثر مما يجب عن الممثلين هذه الأيام. كنت في السابعة والعشرين عندما لعبت دور الأم في سباي كيدز. وكان أدائي مقنعاً بحيث صدّق الجميع أنني ربّيت طفلين وكنتُ جاسوسة لعشرة أعوام. أنا الآن في العمر المناسب لهذا الدور!
تتميّز أدوارك هذه الأيام بالجانب الحسيّ الجسدي أكثر مما كانت عليه منذ سنوات مضتْ ؟
لا أعتقد أن هذا صحيح تماماً. يلعب الجنس دوراً جوهرياً في تكويننا كبشر ولم أهرب يوماً من هذه الحقيقة. حاولت عبر مسيرتي الفنية أن أمزج بين الأدوار ذات البعد الجنسي والتي يمكن أن تروق لجمهور ضيق وبين الأدوار الأخرى التي تحظى بمشاهدة العائلة ككل. إنني أستمتع بهذا المزج بين هذين النوعين من الأدوار.
يدور جدل كبير مؤخّراً في هوليوود حول مسألة المعايير المزدوجة فيما يتعلق بمسألة العمر – يحافظ الرجال على جاذبيتهم الجنسية طوال حياتهم، بينما تفقد النساء هذه الجاذبية بسرعة عندما يتقدمن بالعمر .
هذه المعايير المزدوجة موجودة منذ زمن طويل وهي أمر مزعج بالطبع، وبخاصة عندما تصبح المرأة اكثر جاذبية وروعة فتدرك ذاتها واستقلاليتها وتتحرر من محاولة الخضوع للصورة النمطيّة التي يفرضها المجتمع عليها، وهذا يأتي مع التقدم بالسّن. لم أشعر بهذا الأمر عندما كنت فتاة قليلة الخبرة في مقتبل العمر. بالنسبة لي حصلت على أدوار أغنى عندما كبرت وأصبحتُ امرأة ناضجة. كان ذلك ممتعاً للغاية لأنه مكّنني من أن أنهل من مصادر أكثر وأعمق لأُغني أدواري. بالتأكيد كانت الأستديوهات والشركات الفنية خلف ذلك إذ أنها تنتج عدداً أكبر من الأفلام للبالغين. وهذا ليس بالأمر الغريب: اعتادتْ هذه الاستديوهات على فعل ذلك طيلة الوقت عندما كان لديها عقود مع ممثلات مثل بيت ديفيس وجوان كراوفورد.
مع مرور الزمن سأنسحب عن الساحة الفنية، وعندي رغبة كبيرة بأن أجسد للعالم أكبر كم من الأدوار النسائية قبل ذلك.

أعتقد أن دورك في روديز يقع ضمن خانة هذه الأفلام ؟
يسعدني سماع هذا. إنني من أشدّ المعجبين بأعمال كاميرون كراو. فيلم أولموست فيمس هو أحد أفضل الأفلام بالنسبة لي على مرّ الزمن. عندما قرأتُ النصّ وجدته رائعاً، وأحببت العلاقة الديناميكية بين شخصيتي ، شيلي، وشخصية لوك ويلسون، بيل. إنها أشبه ما يكون بعلاقة زواج، بكل ما تتضمنه هذه العلاقة من عواطف وعلاقات أخلاقية وفكرية. ولكنها في الواقع ليست علاقة زواج، مما يجعلها متعة كبيرة لي حيث تمنحني فرصة اكتشاف طبيعة هذه العلاقة وتطورها.
إنني مهتمة باختيار كوادر العمل والذي يمثل العائلة التي ننسب أنفسنا إليها في حياتنا العملية. تسهم هذه الكوادر في قولبة شخصيتنا لنكون على ما نحن عليه. هذه الفكرة هي المحور الأساسي في روديز بكل ما يتضمن من عناصر مثل العائلة والموسيقى وحياة الغجر وتلك المسحة الرائعة من السحر الذي يفاجئنا خلال العمل. يتميز كاميرون بإحساس رومنسي مرهف في نظرته إلى العالم. أعتقد أننا كلنا نحتاج إلى هذا الحساس في حياتنا. هناك أيضاً المنتِج التنفيذي ويني هولزمان (ماي سو كولد لايف) شديد الذكاء والذي يتميز بحسّ عالٍ بالإنسانية. يمكنني القول أنّي أضفت أفراداً آخرين لعائلتي.
لقد سمعتُ مؤخّراً مقابلة مع جينا ديفيس التي تدير مؤسسة تدرس عدم التوازن بين الجنسين في الإعلام. قالت إنّ توزيع الأدوار النسائية لم يتغير بشكل واضح منذ الأربعينات.
إن كان ذلك صحيحاً فهو أمر جنونيّ. فإذا نظرنا إلى الصورة من بعيد نرى النساء تحصل على أدوار أفضل في ذلك الوقت لأن الأستديوهات كانت تريد الاستفادة من عقودها مع هؤلاء الممثلات إلى أقصى حدّ. لا أعتقد أننا نواجه خطر أن تغمر الأدوار النسائية السينما على حساب الأدوار الذكورية.

حدثيني عن العناصر المشتركة الموجودة بينك وبين لوك ويلسون، يبدو أنها أمر أساسي في عملكما المشترك.
إنّ العناصر التي تتحدث عنها أمر رائع، فهي أكبر وأوسع مما يظن الناس. أعتقد أنه لا يمكنك أن تصنعها. إن كنتَ ممثلاً عليك أن تبتكر وترعى المبرّرات التي تجذب الشخصية التي تؤديها إلى شخصية أخرى حتى ولو لم تكن موجودة أصلاً في العمل، وهذا جزء من واجبنا كممثلين، ولكن عندما تتوفر هذه المبررات أصلاً في النصّ يصبح الأمر أكثر متعة! سمعتُ عن نظريةٍ تقول: إن كنتَ تتمتّع بهذه العناصر في شخصيتك، فلا بدّ أن تجدها مع أي شخص تحتكّ به. لا أعلم مدى صحّة هذه النظرية، إلا أنّي محظوظة بوجود هذه العناصر مع أغلب النجوم الذين مثلت معهم. ربما يعود السبب إلى أنني أحبّ جميع الناس من أعماق قلبي.
تلعب الموسيقى بوضوح دوراً كبيراً في روديز. إنها توازِن بين المثالية التي يتوقعها المعجبون والواقع السيّء لصناعة الموسيقى الآن. هل هناك توازٍ في هذا الأمر مع التمثيل؟
الأمر في صناعة التمثيل مشابه لما تقول. إن كنتَ ممثلاً فعليك أن تحافظ على مثالياتك لدرجة ما مع أنك تواجه باستمرار وقائع صناعة السينما التي تشدّك إلى الأسفل. لكن إن سمحتَ لهذه المعيقات أن تفرض نفسها على عملك، لن تستطيع أن تغيّر الواقع أبداً.
هناك من يقول على الدوام في هوليوود «لا يمكنك أن تجمع هذا النوع الفني مع ذلك النوع المختلف كليّاً» أو «عملٌ كهذا لن يحقق أيّ نجاح تجاريّ،» ثم يقوم بهذا الأمر شخص ذكيّ لم يُعر بالاً لما يقولون، فتكون النتيجة نجاحاً ساحقاً وعندئذٍ تقضي التعليمات الجديدة بأنه «عليك أن تجمع هذا النوع الأدبي مع ذلك النوع المختلف كليّاً.» سيبقى أولئك الأشخاص الذين يضعون القواعد تابعين على الدوام، لن يكونوا أكثر من مجرّد عبيد لقواعدهم الخاصّة. يقضي عملهم بأن ينظروا إلى أسوأ السيناريوهات المتوقعة لأي تجديد مقترَح. أما عملنا فيقضي بأن نرى إلى أي حدّ يمكننا أن نمضي في كسر القواعد. عليك أن تحافظ على وهج إبداعك متّقداً في داخلك على الدوام.
