لقد عاد بي–وي هيرمان. أنا متأكد من ذلك لأنني أنظر إليه الآن. إننا متواجدون في موقع تصوير بيغ هوليدي لفيلم بي-وي الجديد. إنه فيلمه الأول بعد 28 سنة من الغياب. ونرى الممثّل بول روبينز يقوم بالدور مرتدياً بدلته القديمة الصغيرة جداً ذاتها ويضع الببيون نفسه. يبدو وكأنه لم يتغير شيء. تقريباً.
يقول روبينز بينما هو يقضم قطعة بسكوت في مقطورته، «هناك شيء غريب حول هذه الشخصية. يبدو الآن وكأنه ما يزال كما كان في الماضي. لا يبدو أنه يوجد أي فاصل زمني مضى – لا أشعر بمرور الزمن إلا عندما أنظر إلى المرآة»
لا يبدو روبينز الذي يبلغ 63 من عمره الآن كما كان في الماضي. كان رشيقاً ذو وجهٍ طفولي وسلوكٍ كذلك أيضاً عندما كنا نشاهده في الثمانينات. كنتَ ترى صباح كل سبت آلاف الأطفال والراشدين الذين يعرفون بهذا الشأن يندفعون إلى مسرح بي-وي حيث يستقبلنا هذا الشخص الضاحك غريب الأطوار في عالمه الطائش المكون من الكراسي الناطقة والعفاريت الغريبة والغمزات المضحكة. و بحلول عام 1991 حوّلت فضيحة جنسية مسرحه فجأة إلى مكان غير مرغوب به. ولكن بعد عقدين ونصف من الزمن، يأمل بي-وي أن يعود إلى ما كان عليه. إنه يأتي حاملاً فيلم نيتفليكس جديد أنتجه الصديق القديم جود أباتو. وهو يأمل بحق أن تعود الأمور لما كانت عليه من قبل ثانية.
تبدو الأمور كما كانت تماماً. يصور روبينز ماكينة مبالغاً في تعقيدها لتؤدي عملاً بسيطاً تُدعى روب غولدبيرغ ما يشبه المشهد الافتتاحي-وهذا المشهد هو محاكاة واضحة لمشهد الاستيقاظ الشهير في فيلم بيغ أدفينتشر الذي مثّله بي-وي عام 1986. نراه جالساً في كرسي مريح بينما يتم رفعه بواسطة منطاد مليء بالهيليوم ليصعد من خلال سقف بيته الموجود في الضواحي. إنهم يصورون هذا الجزء عدداً هائلاً من المرات حريصين على أن تبقى ابتسامته البهيجة تملأ وجهه بينما ترفعه الرافعة في الهواء. ونلاحظ وجود قطعة نسيجية بلون الجلد ملفوفة حول رقبته تخفي اللحم الزائد المتدلي من عنقه العجوز. وبالإضافة إلى هذه الحيلة هناك خُدعٌ أخرى تم استخدامها ليبدو مظهره تقريباً كما كان عليه عندما كان أصغر سنّاً. من الواضح أنّ القائمين على العمل لم يرغبوا بأن تظهر علامات التقدم بالعمر على بي-وي. يعبّر روبينز عن ذلك بقوله، «غالباً ما كان يسألني الصحفيون، هل ستبقى قادراً على أن تلعب دور بي-وي عندما تتقدم بالعمر؟ كنتُ أقول لنفسي عندئذ، (لا يهمّ) ولكن عليّ اليوم أن أفكر بالأمر من الناحية التقنية. مثلاً، كيف يمكنني إخفاء هذا اللحم المتهدّل من رقبتي هنا؟»
هناك تساؤل يشغل بال الجميع: لقد كان بي-وي منبوذاً خلال الفترة الماضية كلها، إذاً كيف يستطيع روبينز أن يجعله مقبولاً من جديد؟ إن روبينز يتمتّع بقبول سيء لدى الناس منذ تمّ نبذه بسبب سلوكه غير اللائق عندما ظهر على مسرح للعراة. ومنذ ذلك الحين وهو يحاول القيام بعمل جدّي كي يعود إلى الأضواء. شكّل فيلم بلو عام 2001 نقطة انعطاف رائعة في تلك الفترة السيئة من حياته. ثم أتى ظهوره بدور ضيف عدّة مرات في غوثام أند ذا بلاكليست. والآن بعد عرضه الناجح لشخصية بي-وي على خشبة برودوي عام 2010 أصبح الجمهور مستعدّاً لمنح شخصيته التمثيليّة فرصة ثانية أيضاً.
يعترف روبينز قائلاً، «لقد كان لدي 30 سنة لأقرأ ما كتبته الصحافة أو ما يعتقده الناس حول بي-وي. ولكنني أحاول جاهداً أن لا أفعل ذلك. أخشى أن أقرأ شيئاً ما ذات يوم و أفعل كما فعل سامسون عندما قصّ شعره. عندئذ سأفقد قدرتي على أن أكون بي-وي. لكن ليس عليه أن يقلق، في بيغ هوليدي نرى الشخصية تتدفّق منه بسلاسة. نرى بي-وي منبوذاً في مدينته الأم مما يجعله يشعر بالغربة فيها. يدفعه هذا الأمر إلى أن يبدأ برحلة غريبة مضحكة في أنحاء البلد. ربما هناك أشخاص في الواقع لديهم التجربة ذاتها. ولكن التجربة هنا غريبة ومضحكة جداً: مزحات بصرية خادعة وتلاعبات لفظيّة سيئة وعبارات لا تمتّ بصلة لسياقها. نرى هنا نفس المزحات التي كانت تحقق نجاحاً في الثمانينات، وما تزال هذه المزحات مستخدمة في المسرحيات الكوميدية إلى يومنا هذا (فرقة كوميديا بانغ! بانغ!، وفرقة ذا مايتي بوش. يقول روبينز، «هناك جانب عالميّ لشخصية بي-وي. لكلّ شخصٍ أمور تجعله يشعر بعدم الارتياح وأمور تجعله يتصرف بغرابة». حتى لو لم يعد روبينز يبدو مثل بي-وي، لكنه بالتأكيد ما يزال يشعر مثله. لا يمكن له أبداً أن يقلّد هذه الشخصية الغريبة إن لم تكن تنبع من داخله.
بي-وي هيرمان | إعادة إحياء من جديد
مشاركة